من الظواهر الجميلة التي ينبغي الإشادة بها، والتأكيد على أهميتها، والثناء على أهلها: تلك الاجتماعات العائلية العامة، التي تضم أفراد الأسرة الواحدة، مهما نأت بهم الديار، وشطت بهم الأمصار، وقد يبلغ عددهم المئات أو الألوف، بحسب كثرة العائلة وقلتها، يجتمعون في وقت محدد من كل سنة، فيتعارفون ويتآلفون، وتتقوى صلة بعضهم ببعض، ويتعرف بعضهم على أحوال بعض، وتمد بينهم جسور المحبة والمودة، ويسود بينهم التعاون والتكافل، والتراحم والتناصر، ويشعرون بالعزة والقوة، وأنهم لحمة واحدة، وجسد واحد، وإخوة متحابون متضامنون.
وينبغي لكل أسرة أن تحرص غاية الحرص على إيجاد (صندوق خيري للعائلة)، بحيث تجمع فيه الزكوات الواجبة، والتبرعات المقطوعة، والاشتراكات السنوية والشهرية من أفراد الأسرة، لصرفها على المحتاجين من رجالها ونسائها، حتى يستغنوا بأموال أغنيائهم عن سؤال الناس وتكففهم. ولا يخفى أن إيجاد هذا الصندوق ودعمه من قبل أغنياء الأسرة من أعظم الأسباب المعينة لهم على القيام بواجب النفقة على القريب المحتاج على ما سبق بيانه.
كما أن هذه الاجتماعات مجال رحب للتذكير والموعظة، وإصلاح القلوب، وتزكية النفوس، ولا تكاد تخلو أسرة ولله الحمد من علماء ودعاة مخلصين، يستثمرون هذه الاجتماعات المباركة في إيصال الخير والهدى إلى أرحامهم وقرابتهم، الذين هم أحق الناس ببرهم ونصيحتهم، كما قال ربنا سبحانه: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء 214].
وينبغي لمن أراد تبني هذه الفكرة النافعة أن يتنبه إلى الأمور التالية:
أولًا: الاستفادة من تجارب الأسر التي لها فضل السبق في هذا الميدان، والحرص على تلافي الأخطاء التي وقعت فيها، واستدراك الخلل والنقص الذي فاتها.
ثانيًا: اختيار مجموعة من الأمناء الأقوياء من وجوه الأسرة للإشراف على الصندوق الخيري للعائلة، حتى يحوزوا على ثقة الأغنياء ودعمهم، وليتمكنوا من تفقد الأسرة، ودراسة أحوال المحتاجين من أفرادها وتصنيف حاجاتهم.
ثالثًا: العمل على إيجاد قصر أو استراحة للاجتماعات والاحتفالات الخاصة بالأسرة، كما يستفاد منه في حفلات الزواج لأبناء الأسرة وبناتها، ولا يخفى ما في ذلك من نفع كبير، وتوفير للجهد والوقت والمال، وتوثيق لعرى المحبة والصلة بين أفراد الأسرة.
الكاتب: د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.